شهدت إفريقية تغيرات سياسية إثر انتقال الفاطميين إلى مصر وتركهم لبني زيري نوابًا عنهم, فما لبث الزيريون أن خرجوا عن طاعة الفاطميين ودعوا للخلافة العباسية وهو الأمر الذي أذن ببدء مرحلة مليئة بالتحولات السياسية والمذهبية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.ومن هنا كان موضوع دراساتنا في هذا الكتاب التاريخ السياسي والحضاري لإفريقية في الفترة الممتدة من سنة (443هـ- 602هـ/ 1052م- 1205م) وهذه الفترة تعبر عن مرحلة هامة من تاريخ إفريقية. حيث انحسر ملك بني زيري في شريط ساحلي ضيق, نتيجة لدخول القبائل العربية إلى إفريقية, كما قامت إمارات مستقلة عرفت بدويلات الطوائف, كدولة بني خراسان بمدينة تونس وبني الالرئد بمدينة قفصة وبني جامع بمدينة قابس وبني الورد بمدينة بتروت, وكان لهذه الدويلات دورها السياسي الفعال إلى أن سقطت في يد الموحدين الذين نجحوا في توحيد المغرب الإسلامي لأول مرة في تاريخه, ومن هنا تكمن أهمية هذه الدراسة في إلقاء الضوء على تلك التغيرات السياسية والمذهبية وأثرها على الحياة الحضارية.